التدخين

بسم الله الرحمن الرحيم


التدخين ظاهرة سلبية بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة بمدارسنا وبشكل ملفت للنظر ولافت للانتباه والتدخين من المحرمات شرعا لما فيه من إتلاف للصحة وإهدار للمال بغير وجه حق ولقد نهينا عن كل ما يضر البدن والعقل " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ويقول أيضاً في موضع آخر " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " كما أنه محرم عرفا وقانونا والتدخين إنما هو كذبة ابتدعها العقل الغربي وصاغها لنا بطريقة سخيفة مبتذلة بزعم أنها تجلب السعادة وتفتح أبواب النجاح على مصراعيها أمام المدخن حتى يقع في شراكها ثم لا يلبث أن يدرك أنه إنما كان يتوهم ذلك جزافا لكن بعد أن يقع الفأس في الرأس وبعد أن تذبل زهرة شبابه بسبب سيجارة لن تلبث طويلاً حتى تجر للمدخن من الويلات والأمراض والأعراض والآلام والأسقام والأدواء ما الله به عليم ليتحول بقدرة قادر من شخص صحيح سليم معافى إلى مرتاد للمستشفيات والمصحات الطبية والتدخين من العادات السيئة والممقوتة ومن أكثر أسباب الوفيات في عصرنا الحاضر لما يحتوي عليه الدخان من مادة النيكوتين التي تجري في الدم مجرى النفس فتصبح إدمانا بعد ذلك وقد طالعتنا وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة بأن هناك دولاً منها المملكة العربية السعودية قد طالبت بمقاضاة شركات التبغ والتي كانت تزعم في السابق أن التدخين لا يعتبر إدماناً حتى كشف الله زيفهم وفضح أباطيلهم أمام الملأ ومما يشار إليه في هذا الصدد أن المملكة العربية السعودية قد قامت بإنشاء جمعية وطنية تعنى بتوعية المواطنين بمخاطر هذه العادة السيئة تحت مسمى " الجمعية السعودية لمكافحة التدخين " وذلك حرصا من الدولة ـ أيدها الله ـ على القضاء على هذه العادة السيئة ولفك أغلال المتورطين بها ولعل ما يثلج الصدر ويشرح البال ذلك القرار الجريء الذي تبناه معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبد الله المانع ـ وفقه الله ـ بعدم ترقية المدخنين في وزارته وما ذلك إلا إيماناً منه بمخاطر هذه العادة السيئة فله منا الشكر ومن الله الأجر والمثوبة 0
ومن وجهة نظري الشخصية فإن من أبرز الأسباب التي تدفع صغار السن لهذه العادة السيئة عدة عوامل أهمها :
أولاً : ضعف الوازع الديني فإن الدين هو الرادع لكل من تسول له نفسه الإقدام على المعصية فإن من تجرَد من دينه فقد وقع بالمعصية " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " 0
ثانياً: تجاهل الوالدين لدورهما نحو أبنائهما وتحللهما من المسئولية وإهمالهما لمتابعتهم مما يفتح للأبناء آفاقاً رحبة للتحرر من القيم والعادات الحسنة 0
ثالثاً: رفاق السوء وما أكثرهم في وقتنا الحاضر وهم دعاة على أبواب الرذيلة ومن تبعهم ألقوه في غيابة الانحراف وأوردوه مواطن الرذيلة وبئس المصير حيث يجرون ضحاياهم إلى ما لا تحمد عقباه 0
رابعاً: التقليد الأعمى وهو ما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " وما من شك أن النفس البشرية قد جبلت على حب التقليد والتشبه بالغير 0
خامساً: توافر المال في أيدي صغار السن والمراهقين من قبل أولياء الأمور دونما متابعة لهم ومراقبة عليهم لمعرفة أوجه اكتساب هذه الأموال ولا حتى أوجه إنفاقها 0
سادساً: الفضائيات التي لم نكد ننتهي من همومنا حتى جاءت بكل وقاحة لتسمم أفكارنا وأفكار النشء عن طريق السماح لشركات التدخين باستغلال قنواتها بدعايات ساذجة وإعلانات مائجة على صدر مقدماتها في دعوة صريحة إلى التدخين 0
وفي نظري أن أفضل الوسائل لعلاج هذه الظاهرة ما يلي :
أولاً: تعهد النشء بالتربية الإسلامية السليمة والمبنية على الكتاب والسنة وتحذيرهم من رفقاء السوء 0
ثانياً: تكثيف دور المدرسة ومعلميها في التحذير من هذه العادة السيئة على أن يكون من يقوم بالنصح من غير المدخنين 0
ثانياً: تفعيل دور الإرشاد الطلابي بالمدرسة عن طريق الزيارات الرسمية لعيادات مكافحة التدخين وإعداد فيلم وثائقي ليتسنى لجميع الطلاب مشاهدته 0
ثالثاً: إقامة الندوات والمحاضرات العلمية لبيان وجهة نظر الشرع والطب في هذه المسألة مما سيكون له أثر واضح في تعديل توجيه سلوك هؤلاء التلاميذ 0
رابعاً: تفعيل القرار الذي صدر قبل سنوات بشأن عدم بيع الدخان لمن تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما 0
ومما لا يختلف عليه اثنان أن التدخين في أغلب حالاته يعتبر انتحاراً بطيئاً والانتحار محرم شرعا وعرفا فهو من الخبائث التي حرمها الله علينا " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " والعمر إذا ما ذهب فإنه لن يعود فعلينا اغتنامه بما يعود علينا بالفائدة والخير ومن أهم واجباتنا أن نكون ناصحين لمن ابتلي بهذه العادة السيئة 0
هذا غيض من فيض بل هو غيض من قحط مما تعج به صدورنا وأجوائنا ولا تقوى على حمله من أعقاب سيجارة في أفواه صغار السن لن تمكث طويلا حتى تهوي بهم وبنا نحو ظلمات المرض وغياهب العلة وعندها سيندم الجميع لكن ولاة ساعة مندم 0
والله يتولى الصالحين 0